Wednesday, December 15, 2010

باقة الحمائم و صناعة الأمل

   


  أنه شاب ليبي في مقتبل العمر دائما تراه مسرع الخطى، فوقته مليء بالنشاط و بالحياة و بالأمل. وبالرغم من أننا تربطنا بعض أواصر القربى و نلتقي في بعض المناسبات الا أنى لم اسأله عن سر انشغاله الدائم . كثيرا ما كنت ألاحظ انشغاله حتى بالليل فوق سطح منزل أسرته و ذات يوم قررت أن أزوره لأرى ماذا يصنع فوق السطح ؟ . عند ذلك اكتشفت فيه غايتي ألا و هي روح الابداع عند الشباب . فبالرغم من ارتباطه بعمله الدقيق حيث يملك محل نظارات طبية ، و يعمل فيه هو و أخوه إلا أنه يهتم بتربية أنواع جميلة من طيور الحمام والتي تعر ف بحمام الزينة . و هذه الهواية مكلفة و تحتاج إلى جهد متواصل .
انه  الشاب محمد سعيد العنقودي من سكان شارع الظل بطرابلس ، والده الأستاذ سعيد محمد العنقودي من أوائل خريجي قسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب و عمل في السلك الدبلوماسي حيث عمل قنصلا لليبيا لدى الولايات المتحدة ، ووالدتة مربية فاضلة و مدرسة و هى ابنة الشيخ أبوبكر ساسى خطاط مصحف الجماهيرية الشهير .


محمد العنقودي أمام حظيرة الحمائم
  
وجدت لديه عدة أنواع من الحمام، و بعضها أراه لأول مرة، بعضها من حمام الزينة و بعضها من الحمام الزاجل و بعضها من الشغالات. و ما اعجبنى أكثر من جمال الحمام هو قدرة هذا الشاب على العناية التامة بها . فلديه دفاتر معلومات عن كل طير منذ اشتراه تحوى معلومات عن مواعيد التطعيم و العلاج و البيض و تطور أفراخ الحمام بالإضافة إلى صيدلية صغيرة تحوى أنواع التطعيم و الفيتامينات.و كذلك كتب تتناول طرق العناية و التهجين لإنتاج أنواع و ألوان معينة.


جانب من الصيدلية و السجلات

و لا يقف عند هذا الحد من الاهتمام فهو بالإضافة إلى العمل الدءوب هو على اتصال بعدد من المربين في العالم و يشارك في بعض المعارض المحلية للحمام. و قد بدأت معه محبة الطيور منذ الصغر، فوالده كان دائما يربى العصافير النادرة في البيت.


جانب من حظيرة الشغالات

و الآن لنتفقد بعض أنواع حمام الزينة الذي يملكه هذا الشاب، و القيمة المالية لهذه المجموعة تمثل مبلغا محترما و استثمارا جيدا و هناك إقبال على شراء هذه الأنواع.


حمام مجرى



النفاخ و يتميز بانتفاخ صدره


الأسكندرونى و يتميز بمنقاره الطويل




حمام أبو فوطة أو أم الفراشية



حمام شمسي


اليعقوبى و يتميز بكبر حلقة العين و قصر المنقار


 جعفري أو أبو نظارة


المموج
يعرف عادة هذا الحمام بحمام الزينة، و لكن تصرفه ملوكي فبعد أن يبيض هذا النوع لا يهتم بالرقاد على البيض ولا يعتني بإطعام الأفراخ. و بالتالي يمكن اعتباره ملكيا، كما هو حال ملكة النحل. و تأتى الحاجة إلى أنواع الحمام الأخرى لتقوم بهذا الدور ، فيقوم المربى بوضع البيض عند الشغالات كي تعتني بالبيض و بالأفراخ  عندما يفقص البيض.



شغالات


أفراخ الحمام


و مع خروج كل فرخ جديد يولد الأمل و تتجدد الباقة و تزدان بالوان جديدة زاهية تضاف إلى الحظيرة.  كل هذا الجمال موجود في طرابلس و علمت من محمد بوجود مربين آخرين مثله.


النفاخ
لقد كانت هذه اللقطات حصيلة زيارة واحدة، و لم استطع أن أحصى فيها جميع الأنواع و يمكن اعتبارها عينات من باقة الشاب محمد العنقودي. و كم كنت سعيدا بلقاء احد الذين يزرعون الأمل في حياتنا من خلال مسيرة أربع سنوات من ممارسة هذه الهواية. و قد ثمن رسول الله صلى الله عليه و سلم الاتقان عاليا عندما قال: إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه . فهذا الشاب لم يطلب دعما و لا تسهيلات ولا رعاية من أحد ، بل كان هدفه أن يمضى بعض الوقت كل يوم بين هذه الحمائم الجميلة ، و ذلك أثناء فراغه من العمل و هذا من فضل الله عليه . أنها روح الإبداع و روح التطلع لمستقبل أفضل ، هذه هي الباقية و التي يجب أن نحافظ عليها و نساهم في تنميتها فهي طريقنا إلى التقدم و الرقى ، فالحضارة لا تبنى في قصور الممالك ولا مكاتب الحكومات ولكن يبنيها الرواد من أفراد الشعب في جميع المجالات ، الذين يجدون متعتهم في العمل الخلاق .

No comments:

Post a Comment