Sunday, December 5, 2010

جوهر الصلاة اتصال الأرض بالسماء

             الصلاة هي الدعاء و الدعاء هو العبادة، الصلاة صلة مباشرة بين العبد و ربه و خالقه و ركن هام  من أركان الإسلام و قد جعلها رسول الله صلى الله عليه و سلم العهد بينه و بين المسلم، فمن أقامها أقام الدين و من تركها جاحدا متعمدا فقد كفر و خرج من امة الإسلام. والصلاة في الشريعة هي مجموعة من أعمال و أوضاع و أقوال بنية الصلاة تسبقها شروط لصحتها و تؤدى في أوقات محددة.
مرتبة الصلاة في الشرائع السماوية
           لقد أرسل الله سبحانه و تعالى محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم للناس كافة و أوحى إليه ما أوحى من  القرآن و الأحكام والشرائع التي نزل بها أمين الوحي جبريل عليه السلام من السماء إلى الأرض. و كلنا يعرف شرف القرآن، كلام الله المنزل و شرف الليلة التي أنزل فيها و لكن الصلاة تحظى بشرف أعظم و منزلة أعلى فقد سبق فرضها على المسلمين مجموعة من الأحداث اجتمعت في رحلة نزول تشريعها. فبدأت الرحلة بالإسراء إلى بيت المقدس الذي حمل في طياته وحدة الرسالات السماوية و هيمنة الإسلام عليها جميعا و تهيئة الرسول الكريم لرحلة العروج إلى السماوات لاستلام المرسوم الرباني بفرض الصلاة على المسلمين. و خلال رحلة المعراج تجلت بعض الآيات لرسولنا الكريم من مشاهد من الجنة و النار و لقاء الأنبياء و فتح أبواب السماوات واحدة بعد أخرى لاستقباله يرافقه فيها أمين الوحي جبريل عليه السلام ثم توقف جبريل  و تقدم الرسول الكريم بمفرده ليلقى الله و يتلقى منه مباشرة بدون واسطة أو ترجمان حكم الصلاة. و في هذا تكريم لرسول الإسلام و تكريم عظيم لفريضة الصلاة و تكريم عظيم لأمة الإسلام، فلم يحدث في الرسالات السابقة العروج بنبي كي يتلقى شرائع أمته، بل و يراجع الله جلا و علا لتخفيفها رحمة بأمته. و من لطف الله و كرمه و تكريمه لهذه الأمة أن جعل الصلوات خمسة في الأداء و خمسين في الأجر. و من هذا نعرف إن ليلة الإسراء و المعراج هي ليلة الصلاة و ليلة الفضل في تاريخ هذه الأمة فقد اجتمعت لهذه الأمة فيها الكرامة و الرحمة و الأجر العظيم و الصلة المباشرة بين الأرض و السماء و الخط المباشر بين العبد و ربه بدون واسطة أو ترجمان في أي مكان من الكون.
شرف الصلاة في الإسلام
         لقد جعل الله سبحانه و تعالى للصلاة في الإسلام شرفا عظيما من عدة وجوه و يمكن حصر بعضها في الآتي:
تم فرضها في السماء و مباشرة من الله سبحانه و تعالى إلى نبيه المصطفى صلى الله عليه و سلم في أشرف بقاع الكون على الإطلاق.
لا تصح أركانها إلا بالطهارة الكاملة للبدن و الثوب و المكان.
لا تصح إلا بالتفرغ الكامل لأدائها، فلا يجوز الخوض في أي أمر آخر معها.
لا تصح إلا بأم الكتاب، و لا يجوز فيها كلام من حديث الدنيا.
هي مناجاة بين العبد و ربه، إذا قرأ القرآن كان هو المخاطب به، و إذا ذكر الله ذكره الله في من عنده، و إذا سبح الله و نزهه عرف قدر ربه , وإذا حمد الله و أثنى عليه اعترف بنعم الله و آلائه، أما إذا دعا الله فانه قمين بالإجابة.
تجمع الصلاة بين تعظيم الله و الصلاة على نبيه و آل بيته و السلام على عباد الله الصالحين.
تفتتح بتكبيرة الإحرام و يتم الانتقال بين أركانها بالتكبير.
تجمع في أركانها جميع العبادات ففيها الوقوف و القنوت و الركوع و السجود و قراءة القرآن و الدعاء و الحمد و الثناء و التوبة إلى الله و الاستغفار و الصوم عن الكلام الخارج عنها و الصوم عن الأكل خلالها، و بذل الوقت في أدائها و مجاهدة النفس و الصبر عليها، و فيها العروج الروحي إلى الله لمن وعى جميع معانيها و أحسن أركانها، كما أن فيها الاقتداء بسنن الرسول في أدائها. فيها ينطق العبد بالشهادتين و هو تجديد للإيمان، و تختتم بالسلام.
لا تتم إلا بالتوجه إلى القبلة و هي بيت الله الحرام في مكة و ظل البيت المعمور على الأرض.
لكل صلاة   وقت محدد لا تجوز قبله، و إذا تأخر العبد في أدائها عن وقتها أصبحت قضاء.
تتوزع أوقات الصلوات بين اليوم و الليلة و إذا ربطنا هذا بدوران الأرض أمام الشمس نرى أنها مقامة بانتظام و باستمرار على سطح الأرض.
لا تسقط عن العبد و لا يقضيها عنه أحد، فهي عبادة بين العبد و ربه ليس فيها واسطة و لا تجوز فيها نيابة.
أفضل مكان لأدائها هو المساجد و خيرها ما كان في جماعة، و منتهى الفضل عند ما تكون في المسجد الحرام.
          أخواتي أخوتي في الله كانت هذه التأملات في معاني و مكارم الصلاة رسالة محبة و أخوة في الله، و الله أدعو أن تكون نالت من عقولكم تقبلا و في قلوبكم مكانا. و أختم كلامي بوصية المصطفى صلى الله عليه و سلم و هو يودع الدنيا و يقبل على الله في لحظات وفاته حين ما كان يقول:" الصلاة... الصلاة و ما ملكت أيمانكم، ...الصلاة ... الصلاة....و ما ملكت أيمانكم،.... الصلاة...الصلاة و ملكت أيمانكم". صلى عليك الله يا سيدي يا حبيب الله فقد أوصيتنا بأحب الأعمال إلى الله سبحانه و تعالى و هي الصلاة و إلى أهم أعمالنا في الحياة الدنيا و هي الأمانة و العدل في جميع ما يكون في حوزتنا أو نطاق قدرتنا أو نكون مسئولين عنه من عمل أو تجارة أو خدمات أو رعاية شؤون الأسرة. فطوبى لمن كان دائم الاتصال بالله، و طوبى لمن عدل في كل أمر يملك حق التصرف فيه، و طوبى لمن يراعي حقوق العباد مثل ما يراعي حقوق الله.

No comments:

Post a Comment